حلقت “اكويلا” طائرة فيسبوك العملاقة ذات الأجنحة الممتدة، والخلايا الشمسية في سماء المملكة المتحدة في تجربة فريدة من نوعها، تتابع من خلالها فيسبوك سلسلة النجاحات والأعمال المبهرة كالاهتمام بالواقع الافتراضي، واستخدام الذكاء الاصطناعي، وها هي فيسبوك تطلق طائرة بدون طيار لإيصال الانترنت إلى المناطق النائية.
يحلق الخيال والإبداع البشري في عوالم جديدة لم تكن موجودة إلّا في أفلام الخيال العلمي وأذهان العلماء، فما كنا نشاهده بذهول في الماضي أصبحنا الآن نتعايش معه يوميًا.
والطائرات بدون طيار المعروفة ب “Drones” تحولت من كونها مجرد وسيلة تسلية ولعبة ترفيهيّة، نتحكم بها من خلال أجهزة التحكم إلى أداة مهمة يتم استخدامها في العديد من المجالات العسكرية، الزراعية، والتقنية وغيرها الكثير.
وهنا لا يسعنا إلّا أن نتذكر محاولات الطيران الأولى لعباس ابن فرناس، وأحلام ليوناردو دا فينشي وتصاميمه المختلفة للطائرات، وما أعمال فيسبوك اليوم إلّا خطوة جديدة نحو المجهول الذي لطالما شغل العقل البشري.
الطائرات بدون طيار واستخداماتها
يشير مصطلح “طائرة بدون طيار(UAV)” أو Drones إلى أي مركبة جوية يمكن التحكم بها عن بعد، أو برمجتها بشكل مسبق لتؤدي مهمة معينة دون تواجد الطيار بداخلها، استخدمت هذه الطائرات في الجيوش لتقليل خسائر الطيارين.
ومع الانخفاض المستمر للتكلفة، أصبح من الممكن للناس الحصول عليها بسهولة أكبر؛ مما ساعد في ظهور العديد من التطبيقات الجديدة في المجالات المدنيّة والتجاريّة، بما في ذلك مراقبة الطقس، اكتشاف حرائق الغابات، السيطرة على حركة المرور، نقل البضائع، البحث في حالات الطوارئ والإنقاذ، والاتصالات على سبيل المثال.
- وفقًا لتقرير “وول ستريت جورنال”، فقد بدأ تاريخ استخدام الطائرات بدون طيار بشكل جدي في عام 2006 من قبل الوكالات الحكومية للإغاثة من الكوارث.
- أمّا ومن ناحية أخرى، فقد بدأت الشركات باستخدامها فيما بعد لتفتيش خطوط الأنابيب، ورش المبيدات في المزارع.
- بعد ذلك، في عام 2013، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة أمازون “جيف بيزوس”: أنّ الشركة كانت تفكر في استخدام الطائرات بدون طيار كوسيلة لتسليم ونقل البضائع.
اقرأ أيضًا: مشروع لوون Loon من جوجل لتأمين الانترنت للجميع
تصنيف الطائرات بدون طيار
يمكن تصنيف الطائرات بدون طيار على نطاق واسع إلى فئتين أساسيتين:
ذوات الجناح الثابت (fixed-wing UAVs)
عادة ما تتميز الطائرات بدون طيار ذات الأجنحة الثابتة بما يلي:
- السرعة العالية.
- القدرة على نقل حمولة ثقيلة.
- مناسبة للتطبيقات التي تحتاج حركة مستمرة.
- غير مناسبة للتطبيقات التي تتطلب بقاء الطائرة ثابتة في مكان محدد.
ذوات الأجنحة الدوارة (rotary-wing UAVs)
من ناحية أخرى، تتميز الطائرات بدون طيار ذات الأجنحة الدوارة كالـ “quadcopters” بالتالي:
- التعامل مع محدودية الحركة والحمولة.
- القدرة على التحرك في أي اتجاه من أجل البقاء ثابتًة في الهواء.
بناء على ذلك، يعتمد اختيار نوع الطائرة بشكل أساسي على نوع التطبيقات التي ستستخدم فيها هذه الطائرات.
اقرأ أيضًا: إليك جميع مواصفات سامسونج جالاكسي زد فولد 4
فيسبوك تطلق طائرة بدون طيار لإيصال الإنترنت إلى المناطق النائية
بالنسبة لشركة عملاقة، وشبكة تواصل اجتماعي عالمية من المنطقي جدًا أن نراها تدعم شعار “الإنترنت للجميع” ليس فقط لتأمين الاتصال للجميع، بل هي أيضًا منافسة تخوضها الشركة مع جوجل وغيرها، للحصول على مليار مستخدم حول العالم (ليس لديهم وصول للإنترنت).
بناء على ذلك، دخلت فيسبوك المنافسة، وعزمت على استخدام الطائرات بدون طيار لتأمين الإنترنت في المناطق التي يصعب فيها تأمين البنية التحتية اللازمة للاتصال، والحل البديهي في مثل هذه الحال هو استخدام المنصات الجوية على اختلاف أنواعها.
وضعت فيسبوك ثقتها في الطائرات بدون طيار على خلاف جوجل التي استخدمت المناطيد، والهدف واحد منصات جوية تحلق في الستراتوسفير في آخر طبقة من الغلاف الجوي، وعلى ارتفاع 60 ألف قدم عن سطح الأرض، تؤمن منطقة تغطية كبيرة جدًا تساعد في توفير الإنترنت على مساحة واسعة جدًا، كما وتعمل هذه المنصات كمحطات قاعديّة أي تشبه في عملها عمل أبراج التغطية التقليدية من حيث المبدأ.
اقرأ أيضًا: سبب تراجع العملات الرقمية وهل تنهار ام تستمر
تصميم طائرة فيسبوك وآلية عملها
صمم خبراء الاتصالات في شركة فيسبوك طائرة عملاقة ذات أجنحة ممتدة تتميز بالخصائص والمواصفات التالية:
- يبلغ قطرها 140 قدم.
- مغطاة بالخلايا الشمسية.
- مصنوعة من ألياف الكربون.
- تزن حوالي 880 طن.
- مجهزة بالمحركات والبطاريات ومعدات الاتصال اللازمة لعملها.
- تسمح الخلايا الشمسية للطائرة بالتزود بالطاقة اللازمة دون الحاجة إلى الهبوط على سطح الأرض لفترة زمنية طويلة.
فيسبوك تلغي مشروع الإنترنت للجميع
في بداية مشروعها العملاق “الإنترنت للجميع”، أشارت العديد من المواقع العالمية إلى رغبة فيسبوك بشراء 11 ألف طائرة صغيرة بلا طيار من النوع Solara 60 في صفقة تكلفتها 60 مليون دولار، تستطيع الطائرات السابقة العمل بالطاقة الشمسية نهارًا، واستخدامها ليلًا، كما يمكنها التحليق لخمسة سنوات متتالية دون الحاجة إلى الهبوط على سطح الأرض.
هذا الاندفاع الكبير تلاه تغيّر مفاجئ في الخطة، مفاده أنّ فيسبوك توجه انتباهها حاليًا إلى ناحية أخرى، كتطوير تقنيات الاتصال، واستخدام الاتصالات الفضائية والأشعة الليزرية، وتدعيم التقنيات والبرتوكولات المستخدمة في الاتصال في حال استخدام المنصات الجوية.
اقرأ أيضًا: ماهو مستقبل العاملين في تسلا
استخدامات الطائرات بدون طيار في مجال الاتصالات
نلخص حالات الاستخدام النموذجية للاتصالات اللاسلكية بمساعدة الطائرات بدون طيار بما يلي:
- توفير التغطية على نطاق واسع في كافة المناطق حتى المناطق غير المأهولة، أو ذات الطبيعة القاسية.
- استرداد سريع للخدمة بعد ضرر جزئي أو كامل للبنية التحتية للاتصالات بسبب الكوارث الطبيعية.
- تخفيف العبء عن المحطة الأساسية في المناطق المزدحمة للغاية على سبيل المثال، الملاعب خلال حدث رياضي.
- ترحيل البيانات من خلال نشر الطائرات بدون طيار لتوفير الاتصال اللاسلكي بين طرفين في حال عدم توفر روابط اتصال مباشرة موثوقة كالاتصال بين فرق الانقاذ ومركز القيادة للاستجابة للطوارئ في حال انهيار منظومة الاتصال في منطقة معينة.
- جمع البيانات من خلال إرسال الطائرات بدون طيار التي تقوم بنشر (أو جمع) المعلومات من عدد كبير من الأجهزة اللاسلكية الموزعة، مثال على ذلك أجهزة الاستشعار اللاسلكية في التطبيقات الزراعية.
اقرأ أيضًا: كيفية تأسيس منزل ذكي وإيجابياته وسلبياته
التحديات التصميمية التي واجهت مشروع فيسبوك لتأمين الانترنت
على الرغم من الفوائد الواعدة العديدة، فإنّ الاتصالات اللاسلكية مع الطائرات بدون طيار تواجه العديد من التحديات التصميمة نذكر منها:
- متطلبات الأمان العالية، كالتحكم في الزمن الحقيقي، وتجنب الاصطدام على سبيل المثال.
- طبيعة الشبكة الديناميكية المتغيرة الناتجة عن الحركة والانتقال المستمر للطائرات.
- صعوبة تحقيق التنسيق الفعال بين الطائرات، والذي يتطلب تحقيق اتصال موثوق بالشبكة بين أسراب الطائرات.
- الحاجة إلى بروتوكولات اتصال جديدة يتم تصميمها مع مراعاة طبيعة الاتصال بالشبكة المتناثر والمتقطع.
- التحدي الرئيسي الذي ينبع من الحجم والوزن والقوة التي يمكن أن تحد من اتصالات الطائرة وقدراتها الحسابية.
- الحاجة إلى آليات لنشر وتشغيل الطائرات بدون طيار الموفرة للطاقة.
- التحكم المركزي وتنسيق التداخل بين الخلايا المتجاورة.
اقرأ أيضًا: منع حقوق النشر والطبع للفن المنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي
مستقبل الانترنت مع استخدام الطائرات بدون طيار
تبرز مع الأيام الأهمية المتزايدة لاستخدام الطائرات بدون طيار في أنظمة الاتصال اللاسلكية، وسيكون هناك العديد من المشاريع الواعدة خصوصًا مع اكتمال أنظمة الجيل الخامس (5G) نذكر منها:
- استخدام الطائرات بدون طيار كمحطات قاعدية (Base Station) في الشبكات الخلوية لتعزيز التغطية، وقدرات تقنيات النفاذ اللاسلكي الحالية.
- تأمين اتصالات لاسلكية موثوقة ومرنة وسريعة خصوصًا في سيناريوهات السلامة العامة.
- استخدام الطائرات بدون طيار كهوائيات طيران يمكن نشرها لتحسين الاتصالات.
- توفير اتصالات موفرة للطاقة وموثوقة للوصلة الصاعدة لإنترنت الأشياء.
- تخزين المحتوى الشائع مؤقتًا، وخدمة مستخدمي الهاتف المحمول بكفاءة.
- استخدام الطائرات بدون طيار في المراقبة، والاستشعار عن بعد، والواقع الافتراضي، وتطبيقات تسليم الطرود.
- جمع كميات هائلة من البيانات، وتعزز تغطية الشبكة الخلوية في سيناريو المدينة الذكية.
اقرأ أيضًا: رموز تعبيرية ثلاثية الأبعاد في مايكروسوفت تيمز
في النهاية، بين الإقدام والإحجام تقلبت تجربة فيسبوك، وهذا لا يغير حقيقة كونها محاولةً جريئة تحسب للشركة العملاقة، ويبقى العنوان فيسبوك تطلق طائرة بدون طيار لإيصال الانترنت إلى المناطق النائية كأعمال ليوناردو الأولى، وأفكار غاليلو وماركوني، ومساهمات اسحق عظيموف وآرثر سي كلارك خطوة جريئة نحو المجهول والمستقبل الذي لابد فيه من استخدام الطائرات بدون طيار.
المصادر:
